أبي الجعد من ذاكرة الإستعمار الفرنسي

🟣 عندما نفي جلالة المغفور له محمدالخامس والعائلة الملكية، اشتد غضب الشعب المغربي فكانت انتفاضة غاضبة، تلتها اضطرابات و تظاهرات في كل المدن المغربية وازدادت محنة سكان مدينة أبي الجعد أكثر طيلة سنة 1954، حيث أصبح الکل يستنكر اضطهاد وتسلط الاحتلال الفرنسي، فأخذ الشباب ينظم الصفوف ويستعد للمقاومة الفعلية قبل حلول يوم 20 غشت 1955، ومن بينهم قادة وزعماء من تلامذة وخریجی « المدرسةالفرنسية الإسلامية » بأبي الجعد، وفي صبيحة 20 غشت سنة 1955، خرجت ساكنة أبي الجعد عن بكرة أبيها تستنكر ما وقع، وقد أصبحت كل الدكاكين والمتاجر و الورشات الحرفية والصناعية بأبي الجعد مغلقة(إضراب)، فكان الكل في الموعد، حيث تجمهر حشد من الشباب الثائر « ببجعد الجديد » ،خصوصا أمام درب « الكرعة »، والمتكون من مجموعات الدروب التالية:
– مجموعة درب الزاوية- مجموعة درب العلاليين- مجموعة درب ميمونة – مجموعة درب لقطاطر.
خلال ذاك اليوم دارت معارك ساخنة بين المتظاهرين والمخازنية وأعوان الاستعمار وبعض الفرنسيين المدججين بالسلاح، معركة غير متكافئة أطلق خلالها الرصاص الحي على المتظاهرين، وكانت الحصيلة المزرية استشهاد 19 مواطنا منهم 10 من مدينة أبي الجعد، و9 أو أكثر من مناضلي القبائل المجاورة للمدينة، بالإضافة الى أسماء شهيدات من العنصر النسوي، إضافة إلى الجرحى والمعتقلين الذين قاربوا الألف، منهم 700 تقريبا من البادية، نقف لهم إجلالا وتكريما و احتراما لما قدموه لهذه المدينة من تضحيات جسام.
وقد كانت الشعلة الأولى في ذلك اليوم البطولي، إحراق متجر التبغ المعروف باسم الصاكة لصاحبه « ولد اعبيش » بدرب الكرعة، باستعمال البنزين الذي كان يقتنيه الشاب آنذاك « محمد جبري »، ويدخره يوما بعد يوم، كما تم في هذه اللحظة، هجوم المتظاهرين على متجر بنزين الوقود « غاز سائل » للتاجر « البصير الخلوي »، وأفرغوا ما به لاستعماله لهذا الغرض، وكذلك لإضرام النار في محلات أخرى.
وبعد هذا الحدث، انطلق المتظاهرون بالتكبير والتهليل عبر الأزقة والدروب، هاتفين بحياة جلالة الملك وبالحرية والاستقلال، ثم تفرقوا إلى مجموعات لمهاجمة محلات مستهدفة في مناطق مختلفة من المدينة، منها:
– دار الحاج امحمد المالكي بدرب بني مسكين.
– دکان شعكوك السفناج بدرب الغزاونة الذي لم يلتزم بقرار الإضراب.
– إحراق متاجر التبغ (الصاكات) التالية:
– صاكة عبد الله السوسي (أمام درب الشيخ)
– صاكة امحمد ولد طوطو (حاليا صكة حميدي،
أمام درب السعديين)
– صاكة الأطرش مجاورة لدكان فرود
(بالمحطة الطرقية القديمة_ساحة محمد الخامس)
كما تم إشعال النار في معمل الحلفاء الذي يدعى:
-« مكينة الدوم » للفرنسي «زامیت،، -تعاونيةالحبوب coopérative بدرب لقطاطر ،
والهجوم على حانة الفرنسية « مادام فلاطوه «
بدرب عين الشيخ ورشقها بالحجارة.
– مداهمة مسكن المدير الفرنسي « کور تين » ، وإتلاف كل ما بداخله من أمتعة و أثاث.
– قطع الأسلاك الهاتفية وإسقاط الأعمدة.
بعد الزوال، تدخلت قوات عسكرية فرنسية من قصبة تادلة وتركزت في بعض الأماكن الحساسة بمدينة أبي الجعد، منها « المدرسة الفرنسية الإسلامية » التي استعملت كمركز إقامة رئيسي لهذه القوات.
حينذاك، بدأت اعتقالات بالجملة في صفوف المقاومين. ودام التحقيق معهم لمدة شهرين وكان استنطاقهم طبعا تحت التعذيب. في الأخير، قامت سلطات الاحتلال بنقل مجموعة من هؤلاء المعتقلين إلى سجن الدارالبيضاء لتقديمهم للمحاكمة، لكن أفرج عنهم بعد بضعة أيام بعد رجوع جلالة المغفور له محمدالخامس من منفاه في 16 نوفمبر 1955.